هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله .
المعروف بعبد الرحمن الناصر .
واحد من أعظم الحكام المسلمين في التاريخ بعد الخلفاء الراشدين بالطبع.
حكم الأندلس حوالي 50 عاما من 300 هجريا إلي 350 هجريا.
نبذه عن تاريخ الأندلس ما قبل حكم عبد الرحمن الناصر :
بعد الفتح الإسلامي في عصر الدوله الامويه بلاد شبه الجزيره الايبيريه المعروفه بالأندلس وقتها و المعروفه حاليا بأسبانيا و البرتغال ظلت محط إهمال لبعدها عن مقر الخلافه الأمويه ، و لكن تسقط الدوله الامويه و تاتي الدوله العباسيه و يهرب شاب من العائله الأمويه إلي تلك البلاد، فيجدها مدمره تقريبا من الصراعات و الحروب الأهليه بها بين الجند المسلمين و يبدأ بعض من الجند في الغنضمام إليه علي أنه وريث الدوله الامويه و بالفعل يحكم هذا الشاب قبضته علي تلك المنطقه و ينشأ الدوله الأمويه في الأندلس و يعرف هذا الفتي بعبد الرحمن الداخل .
و يتوالي الحكام بعد عبد الرحمن الداخل منهم الصالح و منهم الفاسد و يأتي حاكم عظيم اخر هو عبد الرحمن الاوسط و هنا تزدهر الاندلس و تصبح بلد غنيه و ينشأ أسطولان للأندلس لكي يوقف هجمات النورمانديين، واحد في البحر المتوسط و الاخر في المحيط الاطلسي.
و يأتي بعد عبد الرحمن الاوسط إبنه محمد الذي يزيد من مجد الدوله و قوتها ولكن في أخر عصره تبدأ ثورات قاتله عنيفه و يموت و يتركها لولده عبد الله، و هنا يمسك عبد الله الحكم لدوله ثارت كل جوانبها عليه و لم يبقي له إلا عاصمته قرطبه و كان يفتقر عبد الله للذكاء لكنه كان مبدع في المؤامرات و حبكها، و فضيلته الوحيده الثبات و الصبر علي المحن التي رأها و كل جوانب دولته ثائرها عليه و عجز مالي رهيب في دولته فأكسبته صفه الشح، و كانت أخطر الثورات التي حدثت كانت في الجنوب في غرناطه بقياده رجل يسمي عمر بن حفصون التي إستمرت أكثر من 30 عاما و حروب مستمره مع الدوله الأمويه.
و كان لعبد الله إبن يسمي محمد إتهمه بالتأمر ضده فأمر بقتله و كان لمحمد طفل لم يولد بعد و بعد مقتل محمد ندم عبد الله ندما شديدا علي قتله لولده فقرر تربيه حفيده بنفسه و ولد عبد الرحمن و تلقاه جده بكل رعايه و حنان.
و نشأ عبد الرحمن مختلفا عن جده تماما، فكل الناس تحبه لأخلاقه الكريمه و كرمه و رقته في التعامل مع الضعيف علي عكس جده و الاخذ بالأسباب كما أنه كان الوسيط بين الجميع و جده عبد الله الذي لم يعد أحد يطيقه.
و مات عبد الله و هنا يمسك حفيده عبد الرحمن الحكم و هو في سن الثانيه و العشرين و يمكن أن نقول عليه عبد الرحمن الثالث، و بالرغم من أن هناك أعمام له يفقونه سنا و خبره في الحياه فإنهم جميعا يتنازلون عن الحكم لعبد الرحمن لأن منصب الأمير علي بلاد الاندلس لم يعد المنصب الذي ينظر إليه كغايه بل كحمل ثقيل يكسر أكتاف أعتي الرجال.
حكم عبد الرحمن الناصر :
بدأ عبد الرحمن الناصر بكل همه و نشاط في إعاده الوحد لبلاده و أن يدمر ثوره عمر بن حفصون عن طريق تدمير أو كسب حلفائه فلجأ إلي المعارك معهم أولا و بعدها و عدهم الأمان و التأمين علي أنفسهم و انهم لن يضروا و لا يمسوا بسوء، فعندما وجد رجل ذو كلمه و أخلاقه بدأوا يتنصلوا من عمر بن حفصون و ينضموا إلي عبد الرحمن .
و كذلك فعل مع كل الثورات في أنحاء الأندلس شرقا و غربا و جنوبا .
و في نفس الوقت تحاول مملكه ليون إستغلال الفرصه و تأخذ بعض الاراضي فيرسل لها عبدالرحمن في عام 304 هجريا جيش بقياده قائد قواته أبا العباس أحمد بن أبي عبده ولكن الجيش لم يكن مهيأ للقتال و لم يكن جيد التدريب فهزم الجيش و أستشهد قائده .
و هنا تطمع الممالك النصرانيه في الدوله الإسلاميه و تتحالف مملكه نبره مع مملكه ليون و يهاجموا مدينه طلبيره ، و تهاجم بنبلونه طليطله و تحرق زروعها و تعيث في الأرض فسادا، فيهب عبد الرحمن و يجهز جيوش قويه في عام 306 هجريا و يدمر الجيوش التي أمامه بالكامل و يعيد الامور إلي نصابها بل و وسع دولته علي حساب مملكه ليون و مملكه نبره.
و بعد إنتهاء المعارك يبقي عبد الرحمن علي قاده أقوياء علي الحدود مع الممالك النصرانيه و كل فتره تهاجم قوات الاندلس علي تلك الممالك إلي وصلت إلي بنبلونه و هنا يطلب ملك نبره الصلح و يصبح تابع لدوله عبد الرحمن الداخل .
و لكن في عام 320 هجريا يعود خطر مملكه ليون راميرو الثاني الذي إستجاش جيوش أوروبا و سار بها نحو طليطله و سار عبد الرحمن بنفسه بجيش سماه جيش القدره و هنا خاف راميرو الثاني اللقاء فإحتمي بالحصون فسار المسلمون حولهم يستولون علي البلاد المجاوره لهم .
و في عام 327 هجريا يسير نحو جيوش ليون و نبره ، و هنا يحدث شئ عجيب سيتكرر في تاريخ الاندلس كثيرا و هو أن عبد الرحمن وضع قائد الجيش من مواليه من الصقالبه (من جزيره صقليه حاليا) و هنا التصرف الغريب من القاده الأندلسيين أنهم يغضبوا من هذا التصرف و ينفضوا عن الجيش و هنا تأتي الخساره و لكنها لم تضعف من قوه عبد الرحمن شئ و لكن الكتب الغربيه صورته بالنصر الذي ليس بعده نصر.
و بعدها يحدث الصلح بين الإماره الأمويه و مملكه ليون و يحصن عبد الرحمن الجبهه الشماليه بالكامل تحصين قوي جدا.
و بعد إنتهاء الصلح تغير القوات الإسلاميه علي كل تلك الممالك إلي أن تصل إلي عواصمهم و لم يستطع أحد إيقافهم و يطلبوا جميعا الصلح مره أخري و يصبحوا تابعين للدوله الإسلاميه في الاندلس.
و في عام 316 هجريا يتخذ عبد الرحمن الناصر لقب خليفه المسلمين في الاندلس .
و عندما تولي عبد الرحمن الناصر الحكم كانت الدوله الفاطميه في المغرب قامت من 4 سنوات و رأي فيها المذهب الشيعي الإسماعيلي يخرج عن قواعد الإسلام الصحيحه فبدأ بتدعيم بقايا دوله الأدارسه التي إنهارت علي يد الفاطميين بالمال فقط دون أن يجهد نفسه في حروب جديده هو في غني عنها.
كل هذا و الاندلس أصبح مستقر بعد أن كتم كل الثورات و زاد العلم و التعلم و الرخاء و هنا تظهر عبقريه عبد الرحمن الناصر في تنظيم احوال دولته لتجعله أقوي دوله في العالم في ذلك الوقت.
فوضع نظام الوزارات كأقرب ما تكون عليه الوزارات حاليا .
و قسم خراج البلاد ثلاثه أقسام: ثلث للجند و ثلث للبناء و ثلث للمدخر .
و قيل من إزدهار قرطبه وحدها في عهد عبد الرحمن أن عدد دورها بلغ 113 ألف دار و عدد الحمامات وصل إلي 300 حمام و زاد من حجم المسجد الجامع.
و كدوله عظيمه أصبحت قرطبه محط سفراء كل دول العالم ، و هنا وجد عبد الرحمن أن قرطبه اصبحت ضيقه الطرق و لا تصلح لكل هذا العدد الهائل من الوافدين عليها، فأصدر قرار ببناء مدينه الزاهره التي لو وصفناها لن أعطيها حقها و لكنها كانت قره المدن في ذلك العصر و أنها كانت تعطي مباشره طابع الهيبه و العظمه للخلافه.
و هنا تصبح الخلافه الأمويه في الاندلي الدوله العظمي في العالم شرقا و غربا فنجد أن في مشاكل الممالك الأوروبيه بينها و بين بعضها يلجئوا إلي تحكيم عبد الرحمن لحل تلك المشاكل.
و في عام 350 هجريا في شهر رمضان يتوفي ذلك القائد العظيم الذي سطر تاريخ المسلمين بأحرف من ذهب علي جدران أوروبا.
و قال عنه مؤرخوا أوروبا :( إن عبد الرحمن الناصر يعتبر من أعظم ملوك أوروبا كلها في كل العصور).
رحم الله عبد الرحمن الناصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق