يعد السلطان الرابع في الدوله العثمانيه.
بعد إستشهاد أبيه السلطان مراد الاول بعد معركه كوسوفو العظيمه سنه 791 هجريا و الذي يعتبر من أعظم ملوك المسلمين و سنتحدث عنه قريبا.
جاء إبنه بايزيد الأول و الذي لقب بالصاعقه.
كان بايزيد مثل أبيه في صفات الشهامه و الشجاعه و قوه الإيمان و الإستمرار في الجهاد في سبيل الله.
و لقب بالصاعقه لأن هجماته كانت مثل الصواعق التي تأتي بسرعه و تؤدي إلي نتائج مدمره لأعدائه.
بايزيد بن مراد الأول بن أورخان بن عثمان. هو
كانت منطقة الأناضول أو أسيا الصغرى دائماً هى منطقة الإنطلاق لأى سلطان جديد، ذلك لأن هذه المنطقة منقسمة على نفسها لعدة إمارات صغيرة يحكمها أمراء متغلبون على رقاب المسلمين فيها وقد سعى السلطان مراد الأول لتوحيد الأناضول بعدة وسائل، ولم يكد ينجح فى ذلك حتى انفرط العقد مرة أخرى.
ثار هؤلاء الأمراء على العثمانيين وسببوا لهم الكثير من المتاعب، وكانت ثوراتهم المتكررة سبباً لصرف جهود العثمانيين عن حرب أوروبا، مما جعل الأوروبيين يلتقطون أنفسهم ويشكلوا تحالفات صليبية متكررة لمحاربة العثمانيين.
وفي سنة 793 هجرية إستطاع 'بايزيد' أن يضم إمارات منتشا و أيدين و صاروخان دون قتال بناء علي رغبه أهلها.
و هرب أمراء تلك الإمارات إلي إماره إصفنديار، و تنازل أمير القرمان عن جزء من أراضيه خوفا من ضياعها كلها و كان أميرها هو علاء الدين و كان معروفا بالغدر و الخيانه و كانت أشهر معاركه مع السلطان مراد الاول.
و كعاده علاء الدين الغدر فقد ثار عندما إنشغل بايزيد في حروبه في أوروبا فثار و ضم أجزاء من الدوله العثمانيه إليه و قتل الحاميات التي بها فعاد إليه بايزيد بسرعه البرق و دمره و ضم إماره القرمان له و باقي الإمارات الثائره.
و هنا هرب هؤلاء الأمراء إلي تيمور لنك.
بعدما فرغ 'بايزيد' من ترتيب الشأن الداخلى والقضاء على ثورات الأناضول، اتجه إلى ناحية أوروبا وبدأ أولى خطواته هناك بإقامة حلف ودى مع الصرب.
بالرغم من أنهم كانوا السبب فى قيام تحالف بلقانى صليبي ضد المسلمين، بل إن السلطان مراد الأول والد 'بايزيد' قد قتل فى حربه ضدهم، وكل هذه الأسباب كافية لمنع التحالف معهم، ولكن 'بايزيد' الصاعقة كان له وجهة نظر ذكية، ، وهي أن الحلف مع الصرب يجعلهم بمنزلة الحاجز القوى بين الدولة العثمانية وإمبراطورية المجر التى كانت وقتها أقوى الممالك الأوروبية وتلعب بحامية الصليب، وكانت علاقه المجر والصرب متوترة، فاستغل بايزيد ذلك للتفرغ إلى الغرب والوسط الأوروبي وفتح القسطنطينية.
عين بايزيد أصطفان بن لازار ملكًا على الصرب عام (792هـ) مقابل دفع جزية سنوية وتقديم عدد من المقاتلين ينضمون للجيوش العثمانية وقت الحرب. تزوج "أوليفير" أخت أصطفان لكى لا يبقى مشغولاً بموضوع الصرب.
كان 'بايزيد' يهدف من محالفته للصرب غاية هامة إلا وهى التفرغ للوسط الأوروبي والقسطنطينية لذلك فقد قام بتوجيه ضربة خاطفة إلى بلغاريا وفتحها سنة 797 هجريا وأصبحت بلغاريا من وقتها إمارة تابعة للدولة العثمانية مما جعل أوروبا ترتجف رعباً تحت الصاعقة الإسلامية التى فتحت البلاد الواحدة تلو الأخرى.
وفرض علي إمبراطور بيزنطه مانويل في ذلك الوقت عده شروط منها :
1- إنشاء محكمة إسلامية وتعيين قضاه مسلمين بها للفصل فى شئون الرعية المسلمة بها.
2- بناء مسجد كبير بها والدعاء فيه للخليفة العباسي بمصر ثم السلطان 'بايزيد' وذلك يوم الجمعة.
3- تخصيص 700 منزل داخل المدينة للجالية المسلمة بها.
4- زيادة الجزية المفروضة على الدولة البيزنطية.
5- ترك حامية إسلامية تتكون من 6000 جندى بحى جالاتا بحذاء الشواطىء الشمالية للقرن الذهبى.
6- فرض رسوم جديدة على مزارع الكروم والفاكهة خارج أسوار القسطنطينية.
ودوّت صيحات الله أكبر فى جنبات القسطنطينية لأول مرة فى عهد الصاعقة بايزيد الأول، ولم ينتهى المشهد بعد، فقد ظل الإمبراطور مانويل معظم السنة الأولى من حكمه فى خدمة السلطان بايزيد وظل فى معسكر السلطان الى أن سمح له بالرجوع الى القسطنطينية، ولكنه حذره قائلاً :
(إذا أردت أن تنفذ أوامرى، إغلق عليك أبواب مدينتك، واحكم داخلها، فكل ماوراء الأسوار ملك لى)
و قام بايزيد بالحمله الدانوبيه و عبر نهر الدانوب و هاجم والخيا و لكنه لم يستطع الإستمرار و صدته جموع جيوش الافلاق.
كان حصار القسطنطينية وسقوط بلغاريا وقبول مانويل للشروط السابقة بمثابة جرس الإنذار القوى لكل الأوروبيين خاصة ملك المجر سيگيسموند والبابا بونيفاس التاسع ، فتقرروا تكوين حمله صليبيه جديده و إشترك في تلك الحمله معظم ملوك أوروبا و جاءوا علي رأس جيش من 120 ألف مقاتل و قاد الحمله ملك المجر بنفسه و نحركت تلك الحمله عام 800 هجريا و حدثت مشاكل كبار بين كبار قاده الحمله و و إندحروا مع نهر الدانوب حتى وصلوا إلى مدينة نيكوبوليس فى شمال البلقان.
و لم يكد يدخلوا المدينه حتي ظهر بايزيد الصاعقه بجيش مكون من 100 ألف جندي و كأن الارض إنشقت عنهم، وكان ظهوره كفيلاً بإدخال الرعب والهول فى قلوب الصليبيين فوقعت عليهم هزيمة مدوية حتى أن سيجسموند الذى وقف قبل المعركة يقول فى تيه وغرور :
(لو انقضت علينا السماء من عليائها لأمسكناها بحرابنا)
يهرب مثل الفأر الذعور ويلقى بنفسه فى مركب صغير ويترك خلفه حملته الفاشلة تذوق ويلات هزيمة مروعة.
و سميت هذه المعركه نيكوبولي أو نيقوبوليس و أسفرت عن نصر عظيم للمسلمين كان له أعظم الأثر فى العالم الإسلامى بأسره، ووقعت بشارة الفتح فى كل مكان مسلم، وارسل بايزيد إلى كبار حكام العالم الإسلامى يبشرهم بالفتح وبالعديد من أسرى النصارى كهدايا وسبايا لهؤلاء الحكام باعتبارهم دليلاً مادياً على روعة النصر وأرسل إلى الخليفة العباسى بالقاهرة يطلب منه الإقرار على لقب سلطان الروم ، ووافق الخليفة على ذلك.
وممن وقع فى الأسر "الكونت دى نيفر" بنفسه أحد أكبر الأمراء فى الجيش الصليبى، لذى أقسم بأغلظ الأيمان ألا يعود لمحاربة المسلمين وكاد أن يقبل قدم السلطان، لكن كان الرد السلطان بايزيد الأول المعتز بدينه، أن قال له :
(إنى أجيز لك ألا تحفظ هذا اليمين فأنت فى حل من الرجوع الى محاربتى وقت ما شئت)
ثم استطرد قائلاً كلمته الشهيرة التى خلدها له التاريخ وكتبها من حروف من ذهب:
(إذ انه ما من شيىء أحب الىّ من محاربة جميع مسيحى أوروبا والإنتصار عليهم)
ولكن يقول المثل : (ما من طائر طار و إرتفع، حتي كما طار وقع)
و جاءت الكارثه التي لم تكن في الحسبان و جاءت الطعنه من المسلمين أنفسهم أو من يتشبهون بالمسلمين.
ظهرت أثناء تلك الفترة قوة بشرية ضخمة يقودها رجل من أقسى الناس قلبا وأخبسهم عملاً، هو تيمورلنك الرافضى الخبيث الذى كان يدعى الإسلام ويظهر حبه الشديد لآل بيت النبى صلى الله عليه وسلم، استطاع هذا الرجل أن يؤسس إمبراطورية ضخمة مترامية الأطراف فضم بلاد ماوراء النهر وبلاد الشام والهند وموسكو وأسيا الصغرى، و كان يحلم بالسيطره علي العالم كله.
ولم يستطع أحد أن يقوم فى وجه هذا الطاغية لعظمة جيوشه وأعدادها الضخمة التى لا نبالغ إذا قلنا أنها قاربت الى اكثر من مليون جندى.
مافرح ملوك أوروبا بشىء مثل فرحهم بظهور تيمورلنك الذى وجدوا فيه خلاصهم الوحيد من السلطان بايزيد الأول.
ارتحل كثير من أمراء الأناضول الذين طردهم السلطان بايزيد الأول الى خدمة تيمورلنك واحتموا به، وبلغ ذلك إمبراطور بيزنطة وأمراء أوروبا فأرسلوا الى تيمورلنك يستنجدون به من السلطان بايزيد الأول وأوقدوا العداوة بينهما، وبالفعل طمع تيمورلنك فى أملاك الدولة العثمانية وبدأ بالهجوم على أطرافها فى آسيا الصغرى، وانضم اليه الأمراء الفارين من بايزيد الأول.
الأمر الذى أزعج السلطان بايزيد جدا فصمم على ملاقاة هذا الطاغية وقتله وخصوصا بعد رسالة تيمورلنك الى السلطان بايزيد حيث أهانه ضمنيا حين ذكره بغموض أصل أسرته واستصغار شأنه ولكنه ختم الرسالة بأن عرض عليه العفو على إعتبار الخدمات الجليلة التى قام بها آل عثمان لخدمة الإسلام.
فصمم السلطان بايزيد على محاربة الطاغية تيمورلنك، ثم بعد ذلك يتفرغ الى فتح القسطنطينية الذى كان وشيكا جدا.
ولكنه هزم في معركه أنقره عام 804 هجريا و أسر هو إبنه موسي و حاول الهرب ثلاث مرات و لكنه فشل و مات بعدها بوقت قليل و هو في الأسر.
إنتهت حياه هذا البطل العظيم نهايه مؤسفه و لكن يأتي حفيده محمد الفاتح و يكمل مسيرته و يفتح القسطنطينيه.
رحم الله هؤلاء الرجال العظماء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق