الخميس، 25 فبراير 2010

فرن العيش

أنا مؤلف القصه دي من 3 سنين و أنا عارف إنها متأخره بس يلا مش مشكله



-أصحي يا ولا قوم يلا .

- سبيني شويه يا ماما.

- قوم يلا يا ولا علشان تلحق طابور العيش.

- هي الساعه كام دلوقتي يا ماما ؟

- الساعه 3 يا ولا قوم بقي .

- يا خبر أنا نمت كل ده، طيب أنا هأقوم دلوقتي .

أفتح الشباك ، ثم يقول في دهشه :

- إيه ده الدنيا لسه ضلمه ، هي الساعه كام دلوقتي؟!

- الساعه 3 الفجر ، يلا يا ولا خلص و انزل بقي علشان تلحق مكان في الطابور.

- يا نهار أخضر أنزل دلوقتي ، دا أنا مكملتش ساعتين نوم .

- يلا يا بني ربنا يخليك ليا .

- حاضر يا أمي أنا نازل أهه ، علشان خاطرك إنتي بس .

أنزل الشارع و يسير لمدة ليصل للفرن القريب اللي علي بعد 5 كيلو فقط لاغير من البيت ، وهناك وجد طابور طويل لايجد نهايته وسار طويلا وطويلا حتي وجد نهاية الطابور عند حجر كبير في الصحراء مكتوب عليه ( فرن العيش – 14 كيلو ) .

وهناك أنتظرت وأنتظرت والطابور يتقدم ببطأ الي أن أصبحت الساعة 3عصرا ، ولم يتقدم الطابور خطوة واحدة .

- في أيه ياعم ؟ هو الطابور وقف ليه ؟

-أصل العمال بيفطروا وتقريبا بيتغدوا كمان ..............

ويبدو أن الرجل ينتظر أن يكلمه أحد حتي يحكي له عن قصة حياته عندما كان في موزمبيق (يعني أية ؟) وكان العيش يأتي الي عنده وهو قاعد وحاطط رجل علي رجل في الكوخ بتاعه ( يعني أية برضه ؟).

بعد الساعه الخامسه تحرك الطابور مره أخري ، واستمر الوضع الي أن توقف الطابور مره أخري و أعلنوا الحداد يومين علي روح المرحوم الأخ الغير شقيق لزوجه وزير الماليه لدوله أذربيجان .

- ليه ؟ حرام بقي أنا زهقت ، عايز أروح بقي .

- أسكت يا وغد ، كدا هيقولوا أن أنت معادي للسلطه في أذربيجان وده هيأثر علي علاقتنا مع بوركينا فاسو ، وهتروح أنت في حديد .

- خلاص يا عم أنا سكت أهه .

و بعد يومين من الحداد بدأ العمال مره أخري بالعمل في الفرن ويبدو أن الرجل الذي خلفه زهق من كتر الكلام فسكت ،ونبهه أنه هينامله ساعتين كتعسيله صغيرة وبعدين يبقي يصحيه .

استمر وقوفي في الطابور لمدة أسبوع إلي أن رأيت منفذ بيع العيش في الفرن علي بعد كبير ، وهنأت نفسي علي هذا النجاح الكبير ،ووعدت نفسي بكباية شاي أو كباية كباتشينو عندما أعود إلي البيت .

وبعد أربعة أيام زصلت إلي المنفذ أخيرا .

وعندما إقترب وجهي من المنفذ شعرت أني في شواية بني آدمين مثل شواية الفراخ .

أما العمال فمنظرهم لا يسر عدو ولا حبيب ، فيبدو أن ملابسهم كانت منقوعة في الشحم والزيت والزفت ،أما الأظافر فلا داعي لذكر أنهم يأكلونها أو أنها مغطاة بطبقة سميكة من الطين أو ما شابه ذلك .

المهم قلت للرجل الذي يأخذ الفلوس من الناس :

- عايز بخمسة جنية عيش .

رد الرجل كرد تلقائي عادي :
- ماحدش بياخد عيش بأكتر من جنية .

قلت في رجاء وتوسل قبل أن يتحول إلي غضب :

- معلش ياعم دا أنا واقف بقالي شهر ، أبوس أيدك خلصني .

قال الرجل في رد حاسم كأنه قائد من قواد الجيوش :

- هو كدة ما فيش غير كدة عندنا ، لو مش عجبك ورينا عرض كتافك .

قلت للرجل :

- خلاص يا عم هات اللي تجيبه .

أعطاني الرجل 4 جنيهات ، ثم ذهب و أحضر لي عده أرغفه .

فنظرت بنظره ذاهله إلي العدد القليل جدا من الأرغفه ، و أخذت أحصي عدده بعيني فوجدته 4 أرغفه لا غير ، فإنتظرت حتي يأتي الرجل بالباقي .

فإذا بالعامل يقول لي :

- وسع و هات اللي بعديك .

فقلت له في دهشه :

- هو فين بقيت العيش ؟

فرد علي :

- ما هوكله في إيدك أهه ، آه أنت من الناس القديمه أنت ما تعرفشي إن رغيف العيش بقي بربع جنيه .

فرديت عليه في دهشه و عصبيه شديده :

- نعم ؟!

فرد علي و قد بدي علي وجهه الغضب :

- متخلصنا يا أخينا ، هو ما فيش غيرك و لا إيه ؟!

فرديت عليه متوسلا:

- طب غيرلي الاربع ارغفة دول،اصل دول ما يتكلوش اصلا.

فقال له:

- مالهوم ما هما حلوين أهوه فيهم إيه ؟

- ما فيش عندنا غير كده.

فرديت في تحدي:

- يا راجل أنا شايف العيش الحلو كله بيخش جوه ، و العيش اللي ما يتاكلش بيطلعلنا احنا ، حرام عليكم إ الظلم ده.

قال العامل بصوت عالي:

- واد يا برعي ، واد يا حدقه .

هنا ظهر شخصان عملقان ، ويبدو من وجهيهما أنهما ليسا من الجنس البشري ، لأني لا أري شيئا من أثار المطاوي علي وجهيهما ، و كلا منهما مسلحا بالشومه و المطاوي و السنج .

بالشكل الذي يجعلك :

تجري و تقول( يا فكيك) ، أو تقول العباره المشهوره "الجري نص الجدعنه".

المهم أخيرا قدرت أهرب ، و رأيت من بعيد البيت .

فقلت في سري :

- أخيرا بيتي حبيبي ، ياه نفسي أنام .

المهم أول ما دخلت البيت ، وجدت أمي في إنتظاري ، و قالت لي :

الحمد لله ، وصلت في وقتك أبوك كان هيروح الشغل و يمشي هات اعيش ،.....................، إيه ده يا وله فين بقيت العيش ، وجايبه عيش ما بيتاكلشي زي عيش كل مره ، مش قلت لك أنك تجيبه كويس المره دي .

فأخذت أحكي لأمي بإختصار أن سعر رغيف العيش زاد ، و ما حدث في الفرن .

بعد فتره قليله صاحت أمي بصوت عالي :

- الفطار جاهز يا أبو أحمد .

ثم يآتي أبي و هو يتنحنح بصوت عالي ، و يهذب بيده شاربه المفتول .

أما أخي الصغيز يزعج أبي و أمي بصراخه و ضحكاته المستمريين و يتنطط حولهما .

ثم جلس أبي أمام الأكل ، و جلست أنا في الكرسي المقابل له و أنا مغمض العين ألتقط أنفاسي ، و أخي أمامي لا يتوقف عن إزعاج أبي .

إلي أن رماه أبي برغيف العيش الذي كان في يده ، و هنا و كأن أخي ينتظر هذه اللحظه منذ مده طويله ، فإنحني ببراعه منقطعه النظير كأنه لاعب جمباز محترف ، و طبعلا كنت مغمض العينين فلم أعي أن الرغيف يتجه نحو رأسي مباشره في سرعه .

وووويييييييي ووووووواااااااا.............ووووووويييييي ووووواااااا

دكتور يتحدث إلي والدي و والدتي :

- إبنكم جتله صدمه من أسعار العيش ، و من أحوال العيش ، كما أنه إتصاب بإنفلونزا العيش ..............الحقيقه إبنكم وقع في غيبوبه بسبب رغيف العيش اللي زي الحجر خبط في دماغه و الحاله دي بنسميها ( غيبوبه العيش ) .............و دي مش أول حاله عندنا في مصر ، دي الحاله رقم 62157322 في مصر ، ربنا معاكوا .